Friday, October 12, 2012

لماذا يتحاشى القادة الاعتذار

لماذا يتحاشى القادة الاعتذار


آسف! كلمة من ثلاثة أحرف لكنها قد توقف سيلا عارما من الغضب في عملك أو بلدك. وهي تنطوي على أبعاد نفسية عظمية, قادرة على التأثير في أكثر النفوس قساوة, فكم م "آسف" أعادت مياه العلاقات الاجتماعية إلى مجاريها بين زوجين, أو الأصدقاء, أو الأقرباء بأقل الخسائر الممكنة. كما منعت وقوع كثير من الحروب, أو وضعت بسببها الحرب أوزارها.الاعتذار عند الأمم المتحضرة سمة و جزء من التراث الاجتماعي والحضاري, إذ اعتذرت اليابان للصين عن الأذى الذي لحق بالأخيرة جراء استعمار اليابان لها, واعتذرت ألمانيا بشجاعة للعالم على الجرائم التي ارتكبتها النازية الهتلرية, وتطالعنا الصحف على نحو دوري بأخبار قيادي الشركات الأجنبية الذين يعتذرون من زبائنهم عن تسبب منتجاتهم في تعريض حياة بعض الناس للخطر نتيجة خلل مصنعي في إطارات السيارات, على سبيل المثال, أو عدم صلاحية أحد المنتجات الغذائية, فتقوم بسحب ملايين المنتجات من الأسواق, أتذكر أيضاً صحيفة "واشنطن بوست" الشهيرة, التي اعتذرت بشجاعة للقراء عن تحقيق مفبرك من قبل مراسلها في العراق, بينما على النقيض, تحفل ثلة من الصحف العربية بتلميع المسئولين وتنسب لهم "انجازات" غير حقيقية البتة, والعالم كله يتذكر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون, حين اعتذر عن فضيحة "ووترغبت" وخرج من البيت الأبيض مستقيلاً, و اعتذر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لزوجته عقب فضيحته في البيت الأبيض مع المتدربة الشابة مونيكا, أما العرب, فمنهم من يتملص من الاعتذار, وهو في نظر كثيرين مهانة أو اعتراف صريح بالخطأ, حتى لو كان خطأ طبياً قد يؤدي بحياة مريض, في بعض الأحيان. الغريب أننا لم نبادر بوضع حلول لذلك, على غرار ما فعلته إحدى الولايات الأمريكية حينما سنت قانوناً ينص على أن "اعتذار المؤسسات الطبية لا يعد دليلاً على مسؤوليتهم القانونية تجاه ذلك الخطأ" ورغم الكوارث الكثيرة التي تقع يومياً في العالم العربي , فلا يقابلها اعتذار يذكر, وينجو المسئولون بفعلتهم, و كانا يذكر الحريق الذي نشب في إحدى السفن العربية في البحر الأحمر حين قفز منها قائدها تاركاً وراءه مئات الركاب, من دون أدنى شعور بالمسئولية أو توجيه اعتذار لائق إليهم. كما تحدث تجاوزات وخسائر كبيرة للمساهمين في بعض الشركات, وتمر مرور الكرام, ويجري أحياناً التكفير عن الأخطاء بتقديم "كبش فداء" بإقالة موظف برئ أو تمييع القضايا لو أدها حية!. الاعتذار الحقيقي أو الشجاع هو الذي يكون مكتوباً, أو موجها إلى المجني عليه أتناء وجود الآخرين الذين شهدوا الإساءة. كأن يعتذر المدير, مثلاً, عن خطئه في حق أحد مرؤوسيه الذي شتمه أو أهانه أمام زملائه, لا أن يعتذر له سراً كما يفعل البعض, لأن الشجاعة الحقيقية تكمن في توجيه الاعتذار أما الآخرين حتى يكون رداً للاعتبار إلى من أسأنا في حقه. وكمؤشر للمقارنة فإن عدد كلمات البحث عن رسائل الاعتذار في محرك البحث غوغل تبين أن عدد محاولات البحث بالإنترنت عن نص لـ"رسالة اعتذار" باللغة العربية كان في حدود 3,5مليون فقط بينما كان عدد البحث عن رسالة اعتذار باللغة الإنكليزية Apology Letter نحو 150مليون, أي أن الغالبية الساحقة من محاولات البحث كانت بالإنكليزي! و السؤال الذي يطرح نفسه, هل الناطقون باللغة العربية لا يحرصون على توجيه الاعتذار كتابياً إلى من أساؤوا بحقهم؟! بشكل عام نقول, إذا لم يعتذر المرء في بيته يصعب عليه القيام بذلك أمام الملأ. فالاعتذار هو سلوك ينشأ عليه الفرد ويمكن اكتسابه بالممارسة الدورية ويا لها من فضيلة جميلة حينما يتحلى المدير أو القائد بالشجاعة الكافية للاعتذار مهما كان خطؤه.


0 comments:

Post a Comment